حضارات العصر الحجرى القديم الأعلى :
بدأت هذه الحضارات من 40 ألف سنه ق.م وصاحب حضارات هذا العصر الإنسان الحديث (العاقل)وعاش معظم فترة فيرم الجليدية بأدوارها الفرعية الثلاثة: -
1- فيرم الأسفل من 70.000 ألي 29.000 ق.م
2- فيرم الأوسط 29.000الى 12.000 ق.م
3- فيرم الأعلى من 12.000 إلى 8.000 ق.م
-ادوات الانسان العاقل (الحديث):
كانت شديدة التباين ، فهي تتراوح بين الأدوات الحجرية الموستيرية ( المكاشط الجانبية )والأدوات ذات الأسنان ، لكن أغلب هذه الأدوات كانت تصنع من نصال مغلقه بعناية معده لذلك بواسطة آداه مدببة بشكل غير حاد مصنوعة من العظم ، كانت توضع فى النواة كالاسفين ، ثم يدق عليها بمطرقة من الحجر . وكانت المكاشط وأدوات النقش فى المعادن والرخام من بين الأدوات الجديدة المتنوعة فى العصر الحجري القديم الأعلى (برقه – ليبيا ) كما شاهدت تلك الفترة صناعة الأدوات المزدوجة أو المتعددة الأغراض مثل المنقاش والمثقاب المزدوج(فى أميرات بفلسطين)من 36 ألف سنه
· وفى فرنسا وأسبانيا وجنوب روسيا ، انتشرت تقاليد محلية سميت بحضارات (الاوربناكيه -البيريحوردانية - الجرافيتية) فى وقت واحد ، وأهم الأدوات التي ميزت تلك الحضارات: -
النصال المدببة المقوسة تقويساً كبيراً ، لها مقابض غير حادة مثل نصال شاتلبرون النصال ذات الحواف الحادة وأخيراً النصال الجرافيتية .
وكثر استخدام العظم فى الصناعة بشكل مكثف .
·وفى نهاية العصر الحجرى القديم الأعلى ظهرت الحضارة المجدولينيه فى أوروبا وكانت أكثر انتشاراً مع الحضارة الاوربناكيه من الحضارات
الأخرى بهذا العصر.ويبدو وأن نهر الراين كان يمثل حداً فاصلاً بينهما شرقاً وغرباً .
· وعرفت الحضارة السوليترية بدقة أسلوبها بين حضارات هذا العصر فى تشظية حجر الصوان
· وأهم أدواتها النصال التي تشبه أوراق الفار والمدببات ذوى الأكتاف والحياة الاجتماعية لإنسان العصر الحجرى القديم الأعلى انقسمت فيما بين ساكني الكهوف والمخابئ الصخرية والأماكن المكشوفة فى العروض الشمالية وبناء المساكن فى العروض الوسطى .
وقد ارتفعت ثقافة هذا الإنسان ويستدل على ذلك من استخدامه للملابس التي تقية من البرد واستخدام الملابس الجليدية فى العروض الشمالية كتلك التي يستخدمها الإسكيمو والتحكم في استخدام النار ، وممارسة الطب والسحر واستخدام المقابر الجماعية ، وظهور التخصص في الأدوار والمهارات والتجارة . ويعاب علية انتشار ظاهرة أكل لحوم البشر من الصين حتى غرب أوروبا .

ثانياً: حضارات العصر الحجرى الحديث
· العصر الحجري الحديث :
ويعتبر وجود الزراعة من عدمه هو المعيار الحقيقي فى الاستدلال على العصر الحجري الحديث . كثيراً ما أطلق جوردن تشايلد علي العصر الحديث باسم الثورة أو الثورة الإنتاجية وتعتبر أول ممارسة للزراعة في هيئة بستنه في المناطق المجاورة للسكن على هامش الصيد والجمع . ولعل المركز الرئيسي التي بدأت فيه الزراعة واستئناس الحيوانات أحد وديان الجبال المحيطة بالعراق من زاجروس شرقاً حتى جبال لبنان وفلسطين غرباً ، وذلك إعتماداً علي المؤشرات التالية :-
1- وجود أنواع برية مشابهة للقمح والشعير .
2- وجود حيوانات مشابهة للحيوانات المستأنسة .
3- مناجل الحضارة الناطوقية .
·العصر الحجري الحديث والاستقرار :-
العصر الحجري الحديث هو عصر "الثورة الإنتاجية الأولى" في تاريخ البشرية وهو المرحلة الاقتصادية الهامة التي تبين نهاية حياة الصيد وبداية اقتصاد المعدن ففي هذا العصر ظهرت الزراعة وتم إستئناس الحيوان وأصبح الإنسان الأول مرة منتجاً للطعام بعد أن كان مجرد مستهلك له .
ومن ثم تعتبر هذه الخطوة أول ثورة كبرى في حياة الإنسان إذ نقلته من حياة الطعن والإرتحال وراء فريسة يقتنصها أو حيوان يتتبع أثرة أو بحثاً عن ثمار يلتقطها إلى حياة الإستقرار في قرى صغيرة بجانب قطعة أرض إختار لها نباتاً معيناً يصنع فيها بذوره بنفسه ويظل يرعاها حتى تثمر أو حياة بدوية منظمة يرعى فيها حيواناً معيناً اختاره من المملكة الحيوانية وروضه واستأنسه .


وهكذا كان تشييد القرى الثابتة إحدى الظاهرات المميزة في المرحلة الأولى للإقتصاد الزراعي الجديد .
ولنتعرف علي دواعي قيام الزراعة من الناحية المناخية وموطنها الأصلي لابد وأن نتعرض لعدد من النظريات أهمها :-
1- نظرية الأستاذ ساور في نشأه الزراعة
حيث إعتقد أن الوطن الأول لنشأة الزراعة هي الأقاليم التي توجد على أطراف الغابات المدارية أو المناطق المرتفعة في الأقاليم الحارة وأن الزراعة لم تنشأ نتيجة للحاجة للطعام إذ أن الجماعات التي تهدد المجاعات حياتها بإستمرار لا يمكن أن يكون لديها الوقت الكافي ولا الوسائل اللازمة لكي نلاحظ نمو النباتات ومن ثم تتعهد نموه لفترة طويلة من الزمن . كما ذكر ساور أن معرفة المزارعين استئناس لحيوان لابد وأن ينشأ في أماكن تمتاز بتنوع الحياة النباتية والحيوانية حتى يمكن للفرد أن نختار منها ما يلائم و أن مثل هذا المكان لابد وان يكون متنوع التضاريس ويحتوى في نفس الوقت علي أكثر من أقاليم مناخي حتى يحقق شرط تنوع الحياة النباتية .
· بالإضافة إلى ذلك لابد وأن المزارع الأول أو البدائي قد تجنب سكنى الأودية النهرية الكبرى التي تخضع لحدوث الفيضانات والتي تتطلب لنظام رعي دقيق لذلك يجب أن نبحث عن الوطن الأصلي للزراعة في مناطق التلال والجبال .
·كما ذكر ساور ايضاً أن الزراعة بدأت في المناطق الغابية. وأن سكان العصر الحجرى القديم الذين كانوا يستخدمون الفؤوس اليدوية وليس الشظايا هم أسلاف زراع العصر الحجري الحديث الذي إستطاعوا أن يتوغلوا داخل تلك المناطق الغابية ويقطعوا أشجارها .
هذه هي الافتراضات الرئيسية التي وضعها ساور في بحثه عن نشأة الزراعة. كما إعتقد ساور أيضاً أن الزراعة أول ما نشأت كانت مرتبطة بجماعات الصيادين التي تقطن الأودية النهرية في المناطق ذات رطب إذ أن صيد الأسماك كان يمثل غذاء ثابتاً علي مدار السنة الأمر الذي دفع جماعات الصيادين إلى محاولة الإستقرار في قرى تتمتع بموقع قريب من أماكن الصيد ، كمناطق إلتقاء الأنهار أو عند مخرج البحيرات أو بالقرب من المندفعات المائية .
· وبناء علي ما تقدم إقترح ساور أن الموطن الأول للزراعة هو جنوب شرق آسيا إذ أن هذه المنطقة تتوافر فيها كل المقومات اللازمة لنشأة الزراعة حيث يوجد بها تنوع تضاريسي ونباتي كبير كما يوجد مناخ رطب ممتاز بوجود رياح موسمية تسقط أمطار وفترة وفي نفس الوقت تمتاز بفترات جفاف ذلك بالإضافة إلى أن هذه المنطقة تمتاز بوجود عدد كبير من الأنهار التي تساعد علي الإتصال بين أجزاء العالم القديم .
دعائم المجتمع الجديد المستقر
لقد ظهر بوضوح أن " الثورة الإنتاجية " كانت دعامتها الأساسية معرفة الزراعة وممارستها ، واستئناس الحيوان واستغلاله ، والارتباط بالأرض والانتفاع بمواردها وبناء المساكن والإحساس بالجيرة والشعور بالمشاركة فزراعة النباتات كان لها تأثير قوى على طريقة الحياة فى العصر الحجرى الحديث إذ ربطت الإنسان بالتربة ، ومن ثم كانت المحافظة على النباتات والأرض هو الشيء الذي لابد أن يضمن فى المكان الأول .
وقد تحدثا عن الزراعة واستئناس الحيوان . وسنتحدث عن القرية كدعامة للعصر الحجرى الحديث :-
كما استطاع إنسان العصر الحجرى القديم أن يتلاءم مع بيئته فيتخذ من الكهوف والمظلات الصخرية أو ما يشبه الأكواخ مأوى له ، تمكن أيضا إنسان العصر الحجرى الحديث من تشييد المحلات العمرانية التي عرفها التاريخ كضرورة اقتضتها ظروف الحياة المستقرة المرتبطة بالأرض والزراعة ونمو الرابطة العائلية والتعارف بين المجتمعات البشرية المتكتلة .
وليس معنى ذلك أن ظهور الاقتصاد الزراعي الجديد قد قضى كلية على سكنى الكهوف فهي مازالت موجودة حتى الآن فى بعض المناطق المنعزلة التي لم يصل بعض قبس من نور المدنية وكل ما حدث انه مع ازدياد عدد السكان وشدة الحاجة إلى الاستقرار إلى جانب الأرض المنزرعة ، حيث لا يوجد مأوى طبيعي – بدأ إنسان العصر الحجرى يضع اللبنات الأولى فى صرح الفن المعماري ببناء منزل له و لأسرته.
مثال للمنازل (منازل قرى وادي النيل ):
بالنسبة لمصر حيث الدفء والأمطار القليلة والتربة المتجددة والفيضان السنوي لم يجد فلاحوا ما قبل الأسرات ثمة حاجة لإقامة منازل ثابتة . في المحلات التي قامت علي شاطئ بحيرة الفيوم كانت أكواخها بسيطة بحيث لم نجد من مخالفاتها شيء ينبئ عن وجودها سوى حفر لتخزين الغلال وحفر لإشعال النار و نفس الشيء يظهر في المنازل الأولى التي بنيت في مرمدة .غير انه في فترة لاحقة تمكن أهل مرمدة من استخدام الحصر في بناء أكواخهم بل عرفوا ايضاً كيف يشيدون أكواخا طينية علي شكل قباب .
ويبدو أن القرية المصرية كما توضحها مرمدة بنى سلامه كانت أكثر اتساعاً من تلك التي قامت في جنوب غرب أسيا . فلأكواخ هنا قد رجعت في صفوف ، وخصص لكل منزل حديقة خاصة أو فناء يتصل مباشرة بشوارع القرية .
وفي البداري فى مصر العليا عاش الفلاحون أيضا في أكواخ من الحصير تشبه تلك التي ظهرت متأخرة في مرمدة .