G-0RF4L8LMLY
![]() | |
![]() |
#1
| ||||||||
| ||||||||
![]() التواضع خلق الأنبياء وأفضل العبادة قال الله تعالى:( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا ) الإسراء 37 مخبر المرء مرآة لجوهره، ومعتقده وتصرفاته وجهان متلازمان في تركيبته النفسية والعقلية والسلوكية، والعمل الصالح لا يفيد أو يقبل في الآخرة إن لم يُـبْنَ على نقطة الارتكاز الأولى وهي العقيدة، لذلك فرض الله تعالى على القلوب أعمالا من الاعتقادات، وعلى الجوارح أعمالا من الطاعات، ونزل الوحي يوطئ للسلوك العملي بالاعتقاد الباطني:· إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ البقرة 277 · وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى الكهف88 · وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى طه 82 وهو نفس النهج الذي سارت عليه آية التواضع وما تلاها في سورة الإسراء (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُورا )37-38-39 الإسراء؛ وهي تتمة خمسة وعشرين نوعا من التكاليف العملية التي تقدمها الأمر بالتوحيد (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولا وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) الإسراء22-23، ثم توجت في نهايتها بالنهى عن الشرك (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُورا )الإسراء 39. ولعل الأمر يزداد وضوحا في الآية 54 من سورة المائدة إذ ربطت بين الإيمان وبين محبة الله وخلق التواضع، مقابل الردة بالتخلى عن هذه الصفات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.. الآية)، ذلك أن الربط بين الردة وبين استبدال أحباب الله المتواضعين إشارة بينة إلى أن التواضع بعد توحيد الخالق سبيل الثبات على الحق والفوز بمحبة الله تعالى، وأن التكبر استعلاء على القيم والمبادئ الدينية وذريعة إلى الردة. إن مشية المرح التي نهت عنها الآية الكريمة هي مشية الخيلاء والبطر والأشر والتبختر والفرح بالدنيا ومقتنياتها من المال والجاه والقوة والولد، مشية الجبارين؛ ولذلك عقب عليها عز وجل بما يعد تهكما وسخرية بصاحبها المتكبر الذي يعد كل شيء أحقر منه(إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا )، منبها إلى أنه مهما شدد وطأته على الأرض فلن يخرقها، ومهما تطاول بقامته تعاظما فلن يبلغ الجبال طولا، وهو في كل الأحوال عبد ذليل محاط به من تحته ومن فوقه، والمحاط محصور ضعيف، بل قد يعجل له في الدنيا بعض جزاء استكباره واستعلائه كما ثبت في الصحيح(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) مسلم، وكما ورد في التنزيل عن قارون بني إسرائيل وقد خرج على قومه في زينته ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ) القصص81. ثم أجمل عز وجل ما ورد من التكاليف أمرا ونهيا عقيدة وسلوكا خصالا حسنة وأخرى رديئة، مخبرا بأن ما هو سيئ منها يحرم إتيانه (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ). وفي هذه الآية قراءة سبعية أخرى هي قراءة نافع وابن كثير وابن عمرو ( سيئة ) بالنصب، أي فاحشة مؤاخذا عليها لا يرضاها الله تعالى، وتعني ما ورد في هذه الآيات كلها من المنهيات. هذه الخصال الواردة في سورة الإسراء ضمن ثماني عشرة آية، تعد شرائع واجبة الرعاية غير قابلة للنسخ في جميع الملل والأديان، قال عنها ابن عباس إنها وردت في ألواح موسى، ونسبها رب العزة للوحي وسماها حكمة (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ )، لأنها مصالح محكمة لا يدخلها الفساد. وكما أن رأس الحكمة معرفة الحق لذاته وهو التوحيد، ومعرفة الخير الذي هو التكاليف والطاعات للعمل به، كذلك جعل الله تعالى فاتحة هذه التوجيهات الأمر بالتوحيد (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) وخاتمتها النهي عن الشرك (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُورا ) لأن ذلك هو رأس الحكمة وملاكها، ومن عدم التوحيد لم ينتفع بعلم ولم ترشده حكمة. ثم رتب على الأمر بالتوحيد في البداية نتيجة المخالفة في الدنيا وهي الذم والخذلان ( لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولا) أي مبغضا محقرا ضعيفا، ورتب على النهي عن الشرك في الختام نتيجة المخالفة في الآخرة ( مَلُوماً مَدْحُورا ) أى مبعدا مطرودا من رحمة الله تعالى؛ والمراد بهذا الخطاب هو الأمة بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه عليه الصلاة والسلام معصوم عن الشرك وسوء الخلق. كما أن من غريب الإعجاز في ترتيب هذه التوجيهات القرآنية ربطها الأمر بالتوحيد في أولها بأخطر معصية بعد الشرك وهي عقوق الوالدين ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا )، وربط النهي عن الشرك في ختامها بالتواضع واجتناب الكبر والتعاظم. لذلك قال تعالى (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) النحل 29 ذلك أن الكبر مرض نفسي وخلل سلوكي يبدأ صغيرا لا يؤبه به، ثم ينمو ويتضخم إلى أن يتحول فتنة عمياء ووباء اجتماعيا يمزق الأمة ويفرقها شيعا متناحرة وطبقات متنافرة. يستهل المريض مسيرته هذه معجبا بنفسه، ثم تائها مزهوا مفاخرا، ثم متعاليا متطاولا، ظانا أنه أكبر من غيره، ثم متخايلا يظن في نفسه ما ليس فيها، ثم أصيد لا يلتفت يمنة ويسرة، ثم متغطرسا نرجسيا متخذا من نفسه محرابا يتعبدها فيه. ولئن كان من أسباب الارتكاس في هذه العاهة السلوكية زيادة مال المرء أو جاهه أو سطوته أو علمه، فإن من الأسباب الأخرى أيضا عقدا نفسية تتعلق بإحساس داخلي في المتكبر، بالهوان والذل والصغار يريد أن يجبره بالتعالي والغطرسة انتقاما من الناس كما يخيل إليه. لذلك ورد التحذير من الكبر منثورا في ثنايا سور القرآن الكريم والتوجيهات النبوية الرشيدة، فقال عز وجل: · ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ )الأعراف 146 · ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ) الفرقان63 · ( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور ) لقمان18 وقال صلى الله عليه وسلم: · ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ) مسلم · ( يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ ) الترمذي · ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ ) مسلم. ![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ آخر تعديل ســاره يوم
09-03-2013 في 03:35 AM. |
وصلات دعم الموقع |
![]() | #2 |
![]() | ![]() · عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدِهِ وَقَبَضَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ وَيَتَمَايَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ابن ماجه. وعندما سئل صلى الله عليه وسلم عن الكبر عرفه بقوله: ( الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) مسلم وأبو داود. وعده مرادفا للعدوان والبغي (...وَلَكِنَّ الْبَغْيَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ أَوْ بَطِرَ الْحَقَّ وَغَمَطَ النَّاسَ ) أحمد. وبطر الحق هو رفضه والتنكر له ومعارضته، كما أن غمط الناس إنكار قدرهم وتسفيه ما لديهم من رأي أو عقل أو علم وحكمة. من هذا التعريف النبوي للكبر يتجلى لنا بوضوح تام معنى الخلق المقابل له، وهو التواضع.كما أن قوله تعالى( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين) المائدة54 يبين وسطية خلق التواضع بين الكبر وبين الهوان والمسكنة. إن لفظ "التواضع" مشتق من جذره اللغوي " وضع"، والواو والضاد والعين أصل واحد يدل على خفض الشيء وحطه، والضعة خلاف الرفعة، يقال: فلان وضع نفسه، أي حطها عن قدرها، وتواضع القوم على الشيء إذا تنازل كل منهم عن بعض مواقفه واتفقوا على رأي جامع بينهم، وتواضع الرجل إذا تذلل وتخاشع وتكلف الانخفاض، ولذلك عرف التواضع بأنه تكلف المرء الانخفاض عن قدره رحمة بغيره وتأليفا لقلوبهم. وقد عرفه ابن القيم بأنه ( الذي يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوته وجلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله، ومن معرفة النفس وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها؛ فيتولد من ذلك خلق التواضع، وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذلة والرحمة بعباده؛ فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا، بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله؛ وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه ) – الروح ص 495. إن التواضع خلق مرجو النفع في الدنيا والآخرة، يقوي الثقة بين الناس، ويشعرهم بحقوقهم نحو بعضهم، ويشيع في جموعهم روح الألفة والمودة والتعاون؛ وهو فوق ذلك وصية الرب سبحانه لخلقه، وباب جنته، وسبيل طاعته، به تتحقق العبادة الصادقة والثبات على الحق، كما أن به يتحصن المرء من المعاصي، لأن موردها جميعا خلق التكبر والتعالي وعبادة النفس والهوى، كما هو شأن أول معصية ارتكبت في الملأ الأعلى إذ رفض إبليس - لعنه الله – أمر السجود لآدم تكبرا واستعلاء ( قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين ) الأعراف12، فكان عاقبة أمره أن طرد شر طرد ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) الحجر34. |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #3 |
![]() | ![]() وما ترك امرؤ التواضع وترفع على من هو دونه إلا ابتلي بالذلة لمن فوقه، وما استطال على الضعفاء إلا تصاغر أمام الأقوياء، ناهيك عما في الكبر من خطيئة وظلم، لأنه منازعة لله تعالى في صفاته، إذ الكبرياء والعظمة له وحده، وفي الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة يقول تعالى: ( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ) أبو داود. لقد كانت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية تحريضا دائما مستمرا على التمسك بخلق التواضع، يقول عليه الصلاة والسلام: · (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ) مسلم. · ( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ) مسلم. · ( مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ دَرَجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي عِلِّيِّينَ وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ دَرَجَةً وَضَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ ) أحمد. · ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ) مسلم. أما سنته العملية صلى الله عليه وسلم فقد كانت خير قدوة وأنصع أسوة: · طَافَ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ كَانَ مَعَهُ وَأَتَى السِّقَايَةَ فَقَالَ اسْقُونِي فَقَالُوا إِنَّ هَذَا يَخُوضُهُ النَّاسُ وَلَكِنَّا نَأْتِيكَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ اسْقُونِي مِمَّا يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ ) أحمد. · أَهْدَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً فَجَثَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُلُ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا ) ابن ماجه. · نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً فَقَالَ مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ) الترمذي. · عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ ( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ) البخاري · كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَت) البخاري. إن التواضع سجية تجعل المرء في مورد الطاعة الدائمة مع ربه ومع نفسه ومع والديه ومع الناس جميعا. فالتواضع لله تعالى ألا تغيب عن المرء وحدانيته وقدرته وأسماؤه وصفاته وجلاله وحقه في الطاعة والامتثال لأوامره ونواهيه، وألا ينسى المرء ضعفه ومحدوديته والحكمة من وجوده ومآل أمره في الدنيا والآخرة، فيورثه هذا الشعور خشوعا لله وخضوعا، واجتهادا في التعبد وحسن الخلق ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولًا قَالَ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ بَلْ عَبْدًا رَسُولًا) أحمد. |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #4 |
![]() | ![]() والتواضع مع النفس يكون بمعرفتها في إطار القدرة الإلهية وحاكمية الله تعالى وقيوميته، وما استأثر بعلمه من مآل المرء ومصيره في الدنيا والآخرة، والشعور بالعجز والضعف إلا بحبل من الله وعون (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوب ) الحج 73؛ كل ذلك يطبع تصرفات المؤمن وأعماله وعواطفه بسمات الوداعة والنبل واللين والسماحة وحسن المعاملة، ويبدو أثره في حركاته وسكناته وطريقة جلوسه وقيامه ومشيه وكلامه ورنات صوته وخلجات جوارحه. والتواضع للوالدين بصفتهما أصل نشأته وأداة تربيته ورعايته ووصية ربه( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا ) الإٍسراء 24، يوجب على الابن حقوقا لابد من أدائها، ومنهجا في المعاملة يجب التزامه، من ذلك مثلا زيادة على الطاعة والإجلال والرعاية والصيانة والحنو، إظهار التواضع والخضوع لهما رحمة وشفقة واحتراما، كوقوف الابن عند دخول الأب أو الأم، والسكوت عند حديثهما لا يقاطعهما، وخفض الصوت في حضرتهما، لأن في خلاف هذا التصرف علامة تمرد وتهاون بمقامهما. والتواضع للناس يكون بالمعاملة الطيبة والعشرة الحسنة، وكظم الغيظ والعفو والصفح الجميل، والنصح اللين الوديع (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاس) لقمان 18 (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين )آل عمران134. إن التواضع قيمة اعتقادية وأخلاقية نتيجتها التمسك بالمبادئ والثبات على الدين، وحسن رعاية أمن الأمة ووحدتها، وهو بهذا الاعتبار عبادة في جوهره ومخبره، لذلك قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:( إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة، التواضع ) -كتاب التواضع والخمول لابن أبي الدنيا-. ولئن كان التواضع خصلة يؤثر بها الله تعالى أصفياءه وأولياءه، فإن الكبر لا يبتلى به إلا شرار الخلق، وهم طوائف كثيرة، منها العائل ( الفقير ) المستكبر، والحاكم الطاغية، والغني المتغطرس، والعالم المتعجرف. أما الفقير المستكبر فلشعوره بمهانة الفقر وجهله بأن قيمة المرء في تقواه وعمله الصالح. وأما الحكام والأغنياء فلجهلهم بحقيقة أنفسهم وظنهم أن إكراه الخلق على الخضوع لسطوة جاههم ومالهم يكسبهم رفعة ومجدا. أما العلماء فأسباب تكبرهم منافستهم لأرباب المال والجاه، وتعلقهم بالدنيا وجهلهم بالآخرة، وتقصيرهم في تهذيب أنفسهم. كذلك أهل الفسق والفجور المجاهرون المصرون المباهون، لم يركسهم فيما هم فيه إلا الاستخفاف بالدين والاستهانة بقيمه ومبادئه. إن التواضع للمتكبرين من أهل الجاه والمال والعلم، وخفض الجناح لأهل المعاصي والفسق والفجور، يعد مذلة للمؤمن ومهانة للنفس وتوهينا للدين؛ وكذلك التواضع في مقام تجب فيه نصرة الدين يؤدي إلى التخاذل وتعطيل عبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخضوع للباطل، وابتذال العقيدة وتوهينها. |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #5 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() جزاكِ الله خيراً - ونسال الله أن يحتسب لكِ بكل حرف كتب حسنه ويحط عنك سيئة ويجعلك الله ممن قيل فيهمـ في حديث اشرف الخلق روى البخاري عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (( .. فوالله لأن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النَّعم )) وفي رواية (( خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت )) . سلمت يداك ,, مسلمـ الاخلاقـ ,, |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #6 |
![]() | ![]() عاشقة موضوع مميز ورائع جزاكِ الله كل خير عنه وجعله الله في ميزان حسناتك احترامي وتقديري لكِ سيدتي |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #7 |
![]() | ![]() مسلم الاخلاق تقف الكلمآت عآجزة .. عن وصف روعةحضورك ..وعذوبة ذوقك .. تسلم يمينك على روعة مرورك وآنتقآئك لكلمات ردك.. لروحك آكآليل آلورد.. ![]() ![]() |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #8 |
![]() | ![]() عمرو الجوري تقف الكلمآت عآجزة .. عن وصف روعةحضورك ..وعذوبة ذوقك .. تسلم يمينك على روعة مرورك وآنتقآئك لكلمات ردك.. لروحك آكآليل آلورد.. ![]() ![]() |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #9 |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | ![]() ![]() جزاك الله خيـر وجعله في ميزان حسناتك آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمن دمتي بحفظ الرحمن ![]() |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() | #10 |
![]() | ![]() عاشق الغاليه تقف الكلمآت عآجزة .. عن وصف روعةحضورك ..وعذوبة ذوقك .. تسلم يمينك على روعة مرورك وآنتقآئك لكلمات ردك.. لروحك آكآليل آلورد.. ![]() ![]() |
![]() سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
القرآن الكريمـ : الاعجاز العلمي في الأعمار فى القرآن الكريم ...أسرار المياه في القرآن | ســاره | القرآن الكريم وعلومة واعجازة العلمي | 6 | 23-04-2013 05:40 AM |
القرآن الكريمـ : الاعجاز العلمي في الأعمار فى القرآن الكريم ...التصميم الخاص لعناصر ا | ســاره | القرآن الكريم وعلومة واعجازة العلمي | 6 | 19-04-2013 08:11 AM |
القرآن الكريمـ : الاعجاز العلمي في الأعمار فى القرآن الكريم السواك بين الطب و الإسلام | ســاره | القرآن الكريم وعلومة واعجازة العلمي | 6 | 19-04-2013 08:10 AM |
القرآن الكريمـ : الاعجاز العلمي في الأعمار فى القرآن الكريم --- مرحلة الأشد | ســاره | القرآن الكريم وعلومة واعجازة العلمي | 13 | 19-04-2013 08:08 AM |
القرآن الكريمـ : الإعجاز العلمي في القرآن والسنة | ســاره | القرآن الكريم وعلومة واعجازة العلمي | 12 | 18-03-2013 01:22 PM |